خطوات على طريق النهوض ... فكرة حوارية

...

... إلى من ساءه واقع الأمة ؛ من الفرقة ؛ و التناحر ؛ و التفرق ؛ و الاتهامات المتبادلة ؛ و الانتقادات المتواصلة ؛ و المؤامرات التي لا تهدأ ؛ و الدماء التي تسيل ؛ و الأراضي التي تغتصب ؛ و الطاقات التي تعطل أو تستهلك في غير ما فائدة :
إن الأمة لن تنهض بالرأي الأحادي ... و لا بالعصبية لفكر أو اتجاه أو رأي ، لأني أعتقد أن الإسلام إنما تتشكل لوحته من كل الانتماءات التي تشكل واقعه – ضمن أصول الإيمان الكبرى التي تشكل المعلوم من الدين بالضرورة - ، و لذلك كان اختيارنا لعنوان " خطوات على طريق النهوض " ليكون منطلقا لمنهج في التفكير و السلوك و العمل ، بعيدا عما يمزق ؛ و يشتت ؛ و يضعف ، فما في الأمة من مصائب يكفينا لنصرف له كل أعمارنا لمواجهته .

أخي .. أختي : قد يكون لديك قناعة بالتصوف ... أو بالمذهبية ... أو بمنهج السلف ... أو باللامذهبية ... أو بعلم الكلام ... أو بمنهج القرآن ... و هذا حقك ، لكن تريَّث كثيرا قبل أن تختار من هو عدوك أو خصمك ؟
إن كنت تعتقد أن واحداً من هؤلاء خصمك فأنت تناطح الصخر ، و تحكم على جهدك بالتعثر و الضياع ...

و لئن سألتني لماذا ؟ .
فأقول لك : إن هذه الاتجاهات الفكرية هي التي شكلت تاريخ الأمة ، و هي التي تشكل واقعها ، و بالتالي : فلن تستطيع أن تغير التاريخ ، و لا تملك حق تبديل قناعات الواقع .
لكن سدِّد و قارب ، ادع بالحكمة ... بالموعظة .. بالتي هي أحسن ... و لا تنس :
{ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران : 159] ...
و هو خطاب لمن قال الله تعالى عنه و له : {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم : 4] صلى الله تعالى عليه و على آله و صحبه و سلم .
و إني على الصعيد الشخصي – و أقولها واضحة ؛ صريحة – أعتقد أن الحق متفرق في كل ما ذكرنا من اتجاهات ، لأنها كلها تشكل " الأمة المسلمة " تاريخا و واقعا ؛ أفرادا و جماعات ، و الله تعالى أثنى على مجموع الأمة ؛ فقال سبحانه و تعالى :
{ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ } [آل عمران : 110] ، و هذا للأمة كلها عبر الجيل الأول .
و لأن الأمة كلها – باتجاهاتها المتنوعة – تعتمد في مفردات منهجها على فهم و سلوك و مواقف هذا الجيل الذي رُبِّي على عين النبوة المطهرة ... فهذا يعني : أن الأمة كلها هي امتداد لذاك الجيل الممدوح ، و بالتالي : فالأمة كلها ما زالت ضمن دائرة المدح و التصويب بعمومها .
و كل ما يدور حوله الاختلاف إنما هو مما يخضع للاجتهاد و الأخذ و الرّدّ ، و ما رأينا أياً من أصحاب هذه الاتجاهات يتعمَّد صراحةً مخالفةَ النصوص ، بل هو إما متأوّل لها ، أو معتمد على ما يظن صحته منها .
و طبعا أنا أتكلم عن حقائق هذه الاتجاهات ، أو مضامينها الصحيحة ، لا عن المدعين و اللواصق الغريبة !!!
و من هنا : فإني أربأ بالإخوة الغيارى على انتماءهم و أمتهم و واقعهم : أن يدخلوا في صراعات مع أنفسهم – لأن كل ما ذكرنا من الاتجاهات إنما هو نحن ؛ و نحن هو ؛ لأن أفراده هم أبناء أمتنا و ديننا - ، و لنعتنِ بالمجمَع عليه ، و ما يجمعنا .
و في القضايا الخلافية : فلنذكُرْ رأيَنا ، و لنعرِّج على رأي غيرنا – قبولاً او رفضاً - ، لكن تحت مظلة الإخوة و المحبة و الاحترام و الأدب و الغيرة على إخوتنا أن تجتاحهم أفكار خاطئة ، فالانتقاد ينبغي أن ينطلق من مبدأ الغيرة على دين الله تعالى ، و الغيرة على إخوتنا في الله تعالى ... لا من منطلق الانتصار للذات و إرادة التحطيم للآخر – فكراً أو شخصاً - .
فلا بد من أن نراعي أدب الخطاب الإيماني في عرض الأفكار ، و ليكن اهتمامنا بالأفكار لا بأصحابها ، فعند النقد :
استعرض الفكرة ، و ردَّ عليها ، و دعك من قائلها ؛ إلا إن كان من عدو مجمع على عداوته لهذه الأمة .
و لنتذكر جميعا : أن هناك هجمة عالمية حاقدة على أمتنا كلها ؛ بدينها ؛ و عقيدتها ؛ و تاريخها ؛ و واقعها ؛ و باتجاهاتها و أفكارها و علماءها و دعاتها و حقوقها و أراضيها و ثرواتها ، فلنكن سداً منيعاً أمام هذه الهجمات ، و لنعتنِ بما يحصِّن أمتنا و واقعنا .
و عند الانتقاد : لا تعمِّم في انتقادك ؛ فليس من المنهجية العلمية أن تنتقد التصوف أو المذهبية أو اللامذهبية .... هكذا بالإطلاق و التعميم ، و لا أن تنتقد أتباع السلف بالإطلاق و التعميم أيضاً ، بل حدِّد فكرتك ، و انتزعها من العام إلى الخاص .
و تذكر : أنك بابتعادك عن التسميات و التعميمات و التجريح و التعالي تجعل قارئ أفكارك أكثر استعداداً للانتفاع بآرائك و الاستماع إلى وجهة نظرك .
أما عندما تعمم و تطلق الأقوال و الأحكام فأنت تحكم على فكرك بالموت و التصنيف ، و لن يستفيد منك إلا نفسك و من كان أصلا موافقا لك .
و والله ؛ لو أن أصحاب الفكر الناهض فينا أحسنوا عرض أفكارهم و آرائهم ؛ ضمن آداب الخطاب ؛ و هدوء الحوار ؛ و غيرية التبليغ ؛ و موضوعية العرض ؛ بعيدا عن التجريح و السب و الشتم و التكفير و التبديع و التفسيق ... لكُنَّا رأَينا ثماراً يانعة طيبة ؛ تنبت في أرض الأمة ؛ فتشكل واقعا آخر ؛ متينا ؛ متآلفا ؛ متآخيا ... لأن آفة الأفكار الناهضة تكمن في طريقة عرضها ؛ و أسلوب خطابها .
إخوتي و أخواتي : نحن في الأصل مسلمون ، و كل انتماء فرعي آخر إنما هو انتماء جزئي تابع لانتماءنا الأكبر ... لانتمائنا للإسلام ، فلا تنسوا إسلامكم ؛ و تنخرطوا في فرعيات ما تختارون من آراء و أفكار و أشخاص ... فما أحببنا أحداً من أهل العلم و الفضل إلا لأننا أحببنا إسلامنا ، و لا اتّبعنا رأياً إلا لأننا رأيناه طريقا معبِّراً عن عبوديتنا لله تعالى .
و كل ما مرّ يدعوني إلى ذكر النقاط التالية :
1 – كل موضوع فيه اتهام للأمة عامة ؛ أو توهين اتجاه فيها ؛ أو إرادة تحطيم لأحد علماءها و رموزها الربانيين : فسيكون معولَ هدمٍ ، و سيزيد الواقع ضعفاً ؛ و الجسد مرضاً ؛ و الجهد ضياعا .
2 – كل موضوع فيه دعوة أو تعريض الأمة للفرقة و التشرذم و الإضعاف : فهو ضربة غبية ضد أنفسنا .
3 – كل حديث أو موضوع أو مقال أو فكرة ننشرها ؛ دون أن نقيمها على الصحيح من الأدلة : فهو تقعيد لخطأ ؛ و تأسيس لانحراف .
4 – كل موضوع فيه تعرض للصحابة الكرام أو أهل بيت النبوة – رضي الله عنهم جميعا – : فيجب أن يكون مآله سلة المحذوفات الثقافية ؛ لأن الأمة مجمعة على أن الجيل الأول – الصحابة الكرام رضي الله عنهم - ؛ و الآل الأماجد – باعتبارهم منارات في السير إلى الله تعالى ؛ من خلال ما صح من أقوالهم و أفعالهم - : هما جناحا الأمة في سيرها إلى الله تعالى ، فمن خلال اتباعهم و إحياء مآثرهم تتكون الأمة كلها .
و بعد : فهذا ما حضرني الآن ، و أذكر نفسي و إخوتي : أن كل كلام ؛ و كل مقال ؛ و كل موضوع ؛ و كل فكرة نريد نشرها : إن لم تكن خطوة على طريق النهوض ؛ و دفعة في سبيل استعادة وجودنا الحضاري الإيماني ؛ و منارة في الدعوة إلى الله تعالى ... و كلمة طيبة يكون لنا أجرها عند الله تعالى : فستكون عاملا من عوامل الفرقة و الضعف و التشرذم و التيه ؛ مع الإثم .
فلنقل ما نريد ... و لنُدلِ بآرائنا ... و لنبيِّن آراءنا ... لكن ضمن أدب العلم ؛ و فقه الدعوة ؛ و مراقبة الله تعالى ... بعيدا عن كل ما نرى من انتماءات و صراعات و عصبيات في عالم النت ، فلنتعاون على هذا الهدف ، و لنربِّ أنفسنا على احترام الرأي الآخر ؛ و لو كان رأينا يخالفه ؛ إذا ما كان له دليل أو شبهة دليل ؛ و هناك من أهل العلم من قال به ، عسا الله تعالى أن يجري الخير على أيدينا ؛ فنكون ممن قال الله تعالى عنهم : {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [فصلت : 33] .
و ليتنا – أيها السادة الأماجد – نعيد قراءة : " أدب المنتديات " و " أمانة المنتديات " ؛ و نستعين بما فيهما من آراء و منطلقات في تشكيل الرؤية الواضحة لمنهجنا و أفكارنا و أهدافنا و غاياتنا في تعاملنا مع النت و عالمه و أفكاره و انتماءاته.
و بانتظار أي استدراك أو تعليق أو توضح أو تصحيح من الإخوة و الأخوات على ما مر من أفكار ، و الحمد لله رب العالمين ، و على الله قصد السبيل .

» طريق الإسلام
» سحب مواضيع عن طريق ال rss وزراعتها
» لحذف الفاصلة من المتواجدون الآن عن طريق css
» طريقة إضافة منتداك فيـــــــgoogleعن طريق meta tag